17_06_2015
سوسة في 17 جوان 2015
إتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين: “إجابة“
إنطلاق الحوار المجتمعي حول إصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي: تمرير الفشل…
بعد الإستشارة الوهمية حول “مشروع إصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي 2015–2025″، والتي قامت به الوزارة في آخر السنة الجامعية وفي الساعات الأخيرة من توقيت العمل الدراسي تطالعنا الوزارة اليوم بفكرة الحوار المجتمعي لإكتمال مسرحية الإصلاح وإعطاء شرعية لبرنامج مشوه ولد ميتاً ولمغالطة الرأي العام.
-هذا الحوار المجتمعي هو عملية تزويق لا غير فمن العبثية الإستماع إلى مختلف الأطراف من الأوساط الجامعية والإقتصادية وغيرها بعد أربع سنوات من إنطلاق المشروع بل كان من المفروض القيام بذلك منذ البداية. هل أن الحديث اليوم عن تشريك جميع الأطراف في الوقت بدل الضائع هو من أجل إعادة البناء وإنطلاق مشروع الإصلاح من جديد أم أنه تمرير الفشل ومواصلة لسياسة الضحك على الذقون؟
مشروع الإصلاح يحتوي نقائص عديدة وإخلالات منهجية فادحة وهو يفتقر طابع العلمية والأكاديمية وعلى الرغم من أن نقابة إتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين “إجابة” تميزت بتقديم مقترح إصلاحي شامل شارك في صياغته أكثر من ألف جامعي وعلى الرغم من الدراسات العلمية والأكاديمية العديدة التي قدمناها في مجالات مختلفة منها مسألة تطبيق نظام الجودة بالتعليم العالي، الحريات الأكاديمية بالجامعة، مهمة الجامعة التونسية، القانون الأساسي للجامعيين، مسألة دمقرطة الهياكل العلمية والبيداغوجية بالجامعة بإعتبار الكفاءة وعلى الرغم من اننا نبهنا في دراساتنا إلى ضرورة التخلي عن التمشي الذي اعتمدته الوزارة فإن الوزارة تجاهلت كل الدراسات التي قدمناها في إطار صفقة محاصصة مع لوبيات لم تنفع الجامعة التونسية في شيء.
نذكر أن نقابة إجابة لم تعتمد أبداً مبدأ النقد من اجل النقد بل كانت دائماً قوة بناء و إقتراح وتفكير وبحث من خلال اعتمادنا منهجاً تحليليا وعلميا في عشرات الدراسات والورشات التي قدمناها على إمتداد السنوات الأخيرة.
نذكر أيضا أن نقابة “إجابة” قامت بندوة صحفية بتاريخ 10 جوان قدمت خلالها برنامج إصلاح الوزارة وقامت بدراسة تحليلية نقدية تبين مدى ضحالة هذا المشروع من الناحية العلمية والمنهجية، كما قامت نقابتنا بإصدار بيان بتاريخ 11 جوان فسرت فيه نقائص هذا المشروع ودعت من خلاله إلى ضرورة القيام ببرنامج إصلاحي جديد على أسس منهجية علميا واضحة
تبعا لما سُمي بالإستشارة حول “مشروع إصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي 2015–2025″، فإن إتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثيين التونسيين “إجابة“:
- يوضح أن هذه الإجتماعات الإستشارية المزعومة والمنعقدة في آخر السنة الجامعية وفي الساعات الأخيرة من توقيت العمل الدراسي بحضور ضعيف فُرِض عليه الإستماع إلى خطابات المسؤولين دون مشاركة، هي الحلقة الأخيرة من مسرحية الإصلاح الرديئة والتي بنيت على أساس محاصصة بين الوزارة والنقابة الكلاسيكية في إقصاء وتجاهل تامّين للمكونات الأساسية والفاعلة في الجامعة من جمعيات علمية ونقابات مستقلة تحمل رؤى إصلاح عميقة، بالإضافة إلى إنعدام التنسيق مع وزارة التربية، ووزارة التكوين المهني والتشغيل وتغييب النسيجين الإقتصادي والصناعي وجمهور الطلبة والأساتذة الذين يعتبرون العنصر الأساسي في هذا الإصلاح؛
- يذكر أن محاور الإصلاح كانت مسقطة دون الرجوع إلى القواعد الأستاذية ودون أي إستشارة، كما أن تكوين اللجان تَمَّ في المكاتب المغلقة دون فتح باب الترشحات وإعلام الجامعيين بها. هذه اللجان الوهمية لم يكن لها أي نشاط يذكر خلال الأربع سنوات الفارطة ولم تتطرق للمشاكل الحقيقية للجامعة والجامعيين مع غياب تام لأي تشخيص دقيق لواقع الحال وإنعدام كلي لدراسات أو إحصائيات علمية أو نسب أو أرقام أو دراسات مقارنة أو مشاركة خبراء؛
- يشدد على أن هذا المشروع الفضفاض يفتقد لأي طابع علمي أومنهجية بحث دقيقة، فلقد صيغ بلغة خشبية وبعبارات جوفاء لا ترقى إلى مستوى علمي وأكاديمي: ”الحث على، الدفع في إتجاه، العمل على، تعزيز دور، وقد يجدر الإنطلاق بعمل تقييمي، من أجل جامعة مبادرة، إلخ“؛ كما أنه تفنن في تكريس البيروقراطية من خلال توصيته إلى إحداث كم هائل من هياكل ضبابية (هيئات، لجان، منصات، كراسي، خلايا، منظومات، إلخ) لم توضح تركيبتها، مهامها، كيفية تكوينها، غطائها القانوني، تمويلها، صلاحياتها …
- يؤكد أن هذا المشروع غَيّب مسائل محورية يُعَمق عدم الخوض فيها من المشاكل الحالية للجامعة وعلى رأسها مراجعة القانون الأساسي للجامعيين، الشفافية في مناظرات الإنتداب، دمقرطة الهياكل البيداغوجية والعلمية، نزيف هجرة الجامعيين، المناولة في الجامعة، آليات التحفيز على أساس التميز والإنتاجية، البنية التحتية للمؤسسات الجامعية، وضعية الجامعيين بالمناطق الداخلية، مسألة الشفافية. كما إعتمد السطحية في معالجة المشاكل المتراكمة والعميقة لمنظومة إمد، برنامج الجودة، مسألة تكوين المكونين، التكوين الهندسي، التعليم الخاص، إستراتجية وأولويات وهيكلة وميزانية البحث العلمي؛
- يجزم أن هذا المشروع لم يقدم أي نموذج نهائي للمسائل المطروحة ولا آليات عملية للتطبيق والتقييم والمتابعة بل إكتفى بتقديم مؤشرات ضبابية تفتقد الطابع العلمي مع غياب جدول زمني واضح للإصلاح وعدم تحديد كيفية تمويل هذا المشروع و قيمة الميزانية المخصصة له؛
كيف يمكن لوزارة التعليم العالي ومعها الجامعة العامة وبعد أربع سنوات من تكوين لجان الإصلاح أن تخرج للناس بمثل هذا العمل الهَاوِ؟ إن هذا المشروع ولد فاشلا ميّتا ولن يصلح من حال الجامعة شيئا وهو يؤسس لما تشتكيه الجامعة اليوم ويعمق من جراحها ولن يساهم إلا في توطينها في مراتبها الأخيرة. بناء المجتمع المعرفي وقيم المواطنة والديمقراطية يمرون أساسا عبر إصلاح جدي للجامعة ولا يحتمل الإرتجال والإعتباطية والمحسوبية في معالجة مشاكلها.
نحن نعبر عن رفضنا لسياسات الضحك على الذقون وذر الرماد في العيون في تناول موضوع بأهمية إصلاح الجامعة التونسية، لذلك لن نلتزم بهذا المشروع وندعو:
- الوزارة إلى السحب الفوري لهذا المشروع وتحمل مسؤوليتها أمام الجامعيين وأمام الوطن في القيام بإصلاح جدي؛
- مجلس نواب الشعب إلى رفض هذا المشروع ومسائلة القائمين عليه الذين تسببوا في إضاعة أربع سنوات في عمر جامعة عمومية تحتضر وهدر للمال العام وتسريع لهجرة الكفاءات الجامعية بالألاف؛
- الجامعيين والمجالس العلمية إلى تحمل مسؤولياتهم ورفض هذا المشروع وعدم المصادقة عليه.
مشروعكم مرفوض شكلا ومضمونا وأسدل الستار على مسرحيتكم الرديئة
تحميل الملف